الإسكندرية (
باليونانية: Αλεξάνδρεια)، تُلقب باسم
عروس البحر الأبيض المتوسط، هي ثاني أكبر
مدينة في
مصر بعد مدينة
القاهرة، وتعتبر العاصمة الثانية لمصر
والعاصمة القديمة لها، تقع على امتداد ساحل
البحر الأبيض المتوسط بطول حوالي 70 كم شمال غرب
دلتا النيل،
[4] يحدها من الشمال البحر المتوسط،
وبحيرة مريوط جنوبًا حتى الكيلو 71 على
طريق القاهرة الإسكندرية الصحراوي، يحدها من جهة الشرق
خليج أبو قير ومدينة
إدكو، ومنطقة سيدي كرير غربًا حتى الكيلو 36.30 على طريق الإسكندرية –
مطروح السريع.
تضم الإسكندرية بين طياتها الكثير من المعالم المميزة، إذ يوجد بها أكبر
ميناء بحري في مصر هو
ميناء الإسكندرية والذي يخدم حوالي 80% من إجمالي
الواردات والصادرات المصرية، وتضم أيضًا
مكتبة الإسكندرية الجديدة التي تتسع لأكثر من 8 ملايين كتاب،
[5] كما يضم العديد من المتاحف والمواقع الأثرية مثل
قلعة قايتباي وعمود السواري وغيرها، يبلغ عدد سكان الإسكندرية حوالي 4,123,869 نسمة (حسب تعداد 2006)
[6] يعملون بالأنشطة التجارية والصناعية والزراعية. تنقسم الإسكندرية إلى ستة أحياء إدارية هي
حي المنتزه،
حي شرق،
حي وسط،
حي غرب،
حي الجمرك،
حي العامرية، تحتوي هذه الأحياء على 16 قسما تضم 129 شياخة،
[7] بالإضافة إلى مدن رئيسية تابعة لها مثل
مدينة برج العرب ومدينة برج العرب الجديدة.
بدأ العمل على إنشاء الإسكندرية على يد
الإسكندر الأكبر سنة 332 ق.م عن طريق ردم جزء من المياه يفصل بين جزيرة ممتدة أمام الساحل الرئيسي تدعى "فاروس" بها ميناء عتيق، وقرية صغيرة تدعى "راكتوس" أو "راقودة" يحيط بها قرى صغيرة أخرى تنتشر كذلك ما بين البحر وبحيرة مريوط، واتخذها الإسكندر الأكبر وخلفاؤه عاصمة لمصر لما يقارب ألف سنة، حتى
الفتح الإسلامي لمصر على يد
عمرو بن العاص سنة
641، اشتهرت الإسكندرية عبر التاريخ من خلال العديد من المعالم مثل
مكتبة الإسكندرية القديمة والتي كانت تضم ما يزيد عن 700,000 مجلّد،
ومنارة الإسكندرية والتي اعتبرت من
عجائب الدنيا السبع،
[8] وذلك لارتفاعها الهائل الذي يصل إلى حوالي 35 مترًا، وظلت هذه المنارة قائمة حتى دمرها زلزال قوي سنة
1307.
تاريخ الإسكندريةالعصور القديمة
تمثال يشبه أبو الهول بالمسرح الروماني.
في بداية القرن الرابع قبل الميلاد، لم تكن الإسكندرية سوى قرية صغيرة تدعى "راكتوس" أو "راقودة" يحيط بها قرى صغيرة، يقول عنها علماء الآثار أنها ربما كانت تعتبر موقعًا إستراتيجيًا لطرد الأقوام التي قد تهجم من حين إلى آخر من الناحية الغربية
لوادي النيل،
[9] أو لربما كانت "راكتوس" مجرد قرية صغيرة تعتمد على الصيد ليس إلا، وعلى امتداد الساحل الرئيسي للقرية توجد جزيرة تسمى "فاروس" يوجد بها ميناء يخدم الجزيرة والقرى الساحلية معًا. في ذلك الوقت كانت مصر تحت الاحتلال
الفارسي منذ سقوط حكم
الفراعنة والأسرة الثلاثون عام 343 ق.م، ولم تكن مصر الوحيدة الواقعة تحت احتلال الفرس، فقد كانت
بلاد الشام والعراق واقعة تحت هذا الاحتلال، وفي مقابل قوة الفرس كانت قوة
الاغريق في ازدياد سريع، وبدأت المواجهة بينهما في ربيع عام 334 ق.م، واستمرت المعارك بينهما حتى دخل الإسكندر الأكبر مدينة
صور ومن ثم إلى
غزة حتى أتم دخول مصر عام 333 ق.م.
[9] منحوتة مصرية من المرمر لرأس
الإسكندر الأكبر، مؤسس الإسكندرية.
بعد دخول الإسكندر الأكبر مصر وطرده للفرس منها، استقبله
المصريون بالترحاب نظرًا للقسوة التي كانوا يُعاملون بها تحت الاحتلال الفارسي،
[10] ولكي يؤكد الإسكندر الأكبر أنه جاء إلى مصر صديقًا وحليفًا وليس غازيًا مستعمرًا، اتجه لزيارة معبد الإله
آمون إله مصر الأعظم في ذلك الوقت، فذهب إلى المعبد في واحة
سيوة، وأجرى له الكهنة طقوس التبني ليصبح الإسكندر الأكبر ابنًا للإله آمون، ولُقب فيما بعد بابن آمون،
[10] وفي طريقه إلى المعبد مرّ بقرية للصيادين كانت تُسمى "راقودة"، فأعجب بالمكان وقرر أن يبني مدينة تحمل اسمه لتكون نقطة وصل بين مصر
واليونان وهي مدينة الإسكندرية (
باليونانية القديمة:
Ἀλεξάνδρεια ἡ κατ' Αἴγυπτον؛
وباليونانية الحديثة:
Αλεξάνδρεια)، وعهد ببنائها إلى المهندس "دينوقراطيس"، والذي شيدها على نمط المدن اليونانية، ونسقها بحيث تتعامد الشوارع الأفقية على الشوارع الرأسية،
[10] وبعد عدة شهور ترك الإسكندر مصر متجهًا نحو الشرق ليكمل باقي فتوحاته، ففتح بلاد فارس، لكن طموحاته لم تتوقف عند هذا الحد بل سار بجيشه حتى وصل إلى
الهند ووسط آسيا، وبينما كان الإسكندر هناك فاجأه المرض الذي لم يدم طويلاً حيث داهمه الموت بعد عشرة أيام وهو لم يتجاوز الإثنين والثلاثين من عمره.
[10] رسم رقمي ثلاثي الأبعاد لمنارة الإسكندرية القديمة المشيدة في عهد البطالمة.
رسم لداخل مكتبة الإسكندرية.
المسرح الروماني، أبرز المعالم الرومانية الباقية في الإسكندرية.
اتسمت الإسكندرية في مطلعها بالصبغة العسكرية كمدينة للجند الإغريق، ثم تحولت أيام
البطالمة الإغريق إلى مدينة ملكية بحدائقها وأعمدتها الرخامية البيضاء وشوارعها المتسعة،
[11] وتحوّلت في ذلك الحين إلى عاصمة لمصر، وأصبحت إحدى حواضر العلوم والفنون بعد أن شاد فيها البطالمة عددًا من المعالم الكبرى من شاكلة
مكتبتها الضخمة التي تعد أول معهد أبحاث حقيقي في التاريخ، و
منارتها التي أصبحت أحد عجائب الدنيا السبع في العالم القديم، وكانت تطل على البحر وجنوب شرقي الميناء الشرقي الذي كان يطلق عليه الميناء الكبير؛ إذا ما قورن بينه وبين ميناء هيراكليون عند
أبو قير على فم أحد روافد
النيل القديمة التي اندثرت، وحالياً انحسر مصب النيل ليصبح علي بعد 20 كيلومتراً من أبوقير عند
رشيد.
[11]خضعت المدينة اسميًا لل
رومان سنة 80 ق.م، وفقًا لرغبة
بطليموس العاشر، واستمر الأمر على هذا المنوال قرابة قرن من الزمن قبل أن تسقط بيد
يوليوس قيصر سنة 47 ق.م، عندما استغلت روما النزاع والحرب الأهلية القائمة بين
بطليموس الثالث عشر ومستشاريه وشقيقته
كليوبترا السابعة، وبعد عدة معارك انتصر قيصر وتم قتل أخيها، وبذلك استطاعت كليوباترا الانفراد بحكم مصر، وعلى أحد آراء بعض المؤرخين فقد تم حرق مكتبة الإسكندرية الشهيرة في ذلك الوقت في صراع يوليوس قيصر مع بطليموس الثالث عشر.
[12] سقطت المدينة بيد القائد "أوكتافيوس" الذي أصبح لاحقًا الإمبراطور "
أغسطس" في
1 أغسطس سنة 30 ق.م، وبهذا أصبحت مصر ولاية رومانية. ظلت الإسكندرية أكبر مدينة في
الإمبراطورية الرومانية الواسعة بعد
روما العاصمة، وأقدم الرومان على عمل العديد من الإصلاحات فيها، فقاموا بتجديد وإعادة حفر القناة القديمة التي كانت تربط
نهر النيل و
البحر الأحمر لخدمة التجارة، وكذلك فقد أعطى
الرومان لل
يهود في الإسكندرية، والذين كانوا يمثلون جزءا أساسيا من التركيبة السكانية للمدينة، حريات كثيرة وسمح لهم بإدارة شئونهم الخاصة.
[12] غير أن كل ذلك لم يوقف حركات التمرد والتوتر في المدينة والتي وصف أحد الكتاب القدماء أهلها بأنهم "الأكثر رغبة في الثورة والقتال من أي قوم آخر"، فمن تمرد اليهود في عام
116م، والتوتر المتواصل بين اليهود واليونان على مسائل قديمة، فضلاً عن احتجاج السكندريون بصفة عامة على الحكم الروماني، والذي أدى في عام
215م وعلى إثر زيارة الإمبراطور الروماني إلى الإسكندرية إلى قتل ما يزيد عن عشرين ألف سكندري بسبب قصيدة
هجاء قيلت في الرجل. غير أن من أهم أسباب الاضطراب هو أن العالم قد شهد أحد أهم الأحداث في التاريخ وهو ميلاد
الديانة المسيحية، والتي تزامنت مع بداية الحكم الروماني في مصر، وحيث أن الديانة الجديدة بدأت تجذب الكثير من المصريين وتدعوهم إلى نبذ
الوثنية وعبادة
الله، فقد بدأ عصر جديد من الاضطهاد حيث كانت روما تريد فرض عبادة الإمبراطور وكذلك العبادات الوثنية على المصريين.
[12] ضربت موجة
تسونامي هائلة المدينة بتاريخ
21 يوليو سنة
365،
[13] جرّاء
زلزال وقع بالقرب من جزيرة كريت، ونجم عنها خراب ودمار كبيرين.
[14]اكتسبت
المسيحية قوة كبيرة رغم كل النزاعات وذلك في مواجهة ديانة باقي المصريين من الوثنيين وخاصة في عهد الإمبراطور
ثيودوسيوس الكبير (378-395م) الذي أصدر مرسوماً ببطلان العبادات الوثنية، فعقد بطريرك الإسكندرية ثيوفيلوس (385-412م) عزمه على تنفيذ المرسوم الإمبراطوري بدقة وحزم وقد عاونه اتباعه وقوات الإمبراطور، فتم تدمير عدد من المعابد الوثنية وتحويل بعضها الآخر إلى كنائس مثل معبد سرابيوم المقام للإله سيرابيس وذلك في عام
391م حيث شيدت على أطلاله كنيستان.
العصور الوسطى رسالة نبي الإسلام
محمد بن عبد الله إلى المقوقس، عامل الروم في مصر وبطريرك الإسكندرية.
خضعت الإسكندرية للإمبراطورية البيزنطية بعد انقسام الإمبراطورية الرومانية إلى قسمين: غربي روماني وشرقي رومي بيزنطي، وفي
القرن السابع الميلادي كانت
الإمبراطورية البيزنطية قد وصلت إلى حالة بالغة من الضعف، فشجع ذلك
الإمبراطورية الفارسية الساسانية في الشرق على الهجوم على ممالكها واحتلال الشام ومصر، فدخل الفرس الإسكندرية ونهبوا المدينة وقتلوا الكثير من أهلها، لكن الحكم الفارسي لم يدم إلا بضع سنين حيث استطاع الإمبراطور هرقل استرداد ممالكه ورجعت الإسكندرية من جديد تابعة للإمبراطورية البيزنطية. وقد أراد
هرقل تعيين بطريرك قوي في الإسكندرية يسند له الرئاسة السياسية بجانب سلطته الدينية ليكون قادر على قهر الأقباط وإرغامهم على اتباع مذهب المونوثيليتية فعين بطريركًا رومانيًا يدعى "
كيرس" والمعروف عند مؤرخي العرب باسم "المقوقس"، لتحقيق هذه الغاية، إلا أنه فشل في ذلك. وخلال هذا العهد كان
الإسلام قد برز في شبه الجزيرة العربية واستقطب أعدادًا كبيرة من الناس، وكان النبي
محمد قد أرسل إلى حكام الدول المجاورة رسائل يدعوهم فيها إلى الإسلام، وكان المقوقس من ضمن هؤلاء الحكام.
الروم يستخدمون النار الإغريقية في
معركة ذات الصواري التي خضعت الإسكندرية بعدها للحكم الإسلامي العربي.
بعد وفاة محمد، خرج العرب المسلمون من شبه الجزيرة العربية لنشر الإسلام في أنحاء العالم المعروف، فانطلق
عمرو بن العاص من
القدس إلى
مصر، بعد أن شاور الخليفة
عمر بن الخطاب،
[15] سالكًا الطريق التي سلكها قبله
قمبيز و
الإسكندر الأكبر. واصطدمت القوة العربية بالروم في مدينة الفرماء، مدخل مصر الشرقية، فسقطت المدينة بيد عمرو، ثم تبعتها
بلبيس. وكان
المقوقس، عامل الروم على مصر، قد تحصن بحصن إزاء
جزيرة الروضة على
النيل، ورابط عمرو في
عين شمس.
[16] ولما وصلت الإمدادات من الخليفة عمر، تقاتل الفريقان في منتصف الطريق بين المعسكرين،
[17] فانهزم المقوقس واحتمى بالحصن، ولمّا ضيّق عمرو عليه الحصار اضطر إلى القبول بدفع الجزية.
[18] وتابع عمرو استيلائه على المدن المصرية، ولم يبق إلا الإسكندرية قصبة الديار المصرية وثانية حواجز
الإمبراطورية البيزنطية. وكان الاسطول البيزنطي يحميها من البحر، ولكن شدّة الغارات البريّة العربية، وموت هرقل وارتقاء ابنه
قسطنطين الثاني عرش الإمبراطورية وكان حديث السن، جعلت الروم يوافقون على شروط الصلح، فجلت قواتهم وأسطولهم عن المدينة ودخلها المسلمين فاتحين، وأطلقوا الحرية الدينية لل
أقباط وأمّنوهم على ممتلكاتهم وأرواحهم.
[19]ولكن بعد مدة قصيرة من السيطرة على المدينة قام البيزنطيين بهجوم مضاد ليستعيدوا المدينة من جديد إلا أن عمرو بن العاص استطاع هزيمتهم ودخل الإسكندرية مرة أخرى في صيف سنة 646،
[20] ورحب الأقباط في الإسكندرية بقيادة البطريرك
بنيامين الأول بالمسلمين ترحيباً بالغاً وبذلك فقدت الإمبراطورية البيزنطية أغنى ولاياتها إلى الأبد.
[21] فقدت الإسكندرية مكانتها السياسية بعد ذلك بسبب اتخاذ عمرو بن العاص من
الفسطاط عاصمة له بدلاً منها، لكنها استمرت الميناء الرئيسي لمصر وأبرز مرافئها التجارية. نشطت حركة التجارة في الإسكندرية خلال
العهد الإسلامي، كذلك تم بناء سور جديد للمدينة، ووفد إليها الكثير من العلماء من أمثال
الإمام الشاطبي والحافظ السلفي و
ابن خلدون وغيرهم الذين أثروا الحركة العلمية للمدينة.
[22] ومن المعالم التي تركتها المرحلة الأولى للفتح ضريح وجامع
أبي الدرداء، أحد
صحابة النبي محمد، في منطقة العطارين والذي شارك في
فتح مصر.
قلعة قيتباي. شادها السلطان المملوكي "
الأشرف سيف الدين قايتباي" في نفس الموقع حيث كانت تقوم منارة الإسكندرية.
تعرضت المدينة لعدة
زلازل قوية عام
956 ثم
1303 ثم
1323، أدت إلى تحطم
منارتها الشهيرة ولم يبق منها سوى الأساس الحجري الذي شيدت عليه
قلعة قايتباي في منتصف
القرن الخامس عشر الميلادي.
[23] كما تعرضت الإسكندرية لهجمات صليبية كان أخرها في أكتوبر سنة
1365م عانت فيها من أعمال قتل دون تمييز بين
مسلم و
مسيحي ونهب وضربت
المساجد،
[24] إلا أنه وفي عام
1480 قام السلطان المملوكي
قايتباي ببناء حصن للمدينة لحمايتها في نفس موقع المنارة والمعروفة الآن "ب
قلعة قايتباي"،
[25] حيث حظيت الإسكندرية في عهده بعناية كبيرة، وقد هيأت
دولة المماليك وسائل الراحة لإقامة التجار الأوروبيين في مينائي الإسكندرية و
دمياط فبنيت
الفنادق ووضعت تحت تصرف التجار حتى يعيشوا وفق النمط الذي اعتادوه في بلادهم. فقدت الإسكندرية الكثير من أهميتها بعد اكتشاف طريق
رأس الرجاء الصالح في عام
1498م وتحوّل طريق التجارة إلى
المحيط الأطلسي بدلاً من
البحر الأبيض المتوسط،
[26] وكذلك بعد جفاف فرع
النيل والقناة التي كانت تمد المدينة بالمياه العذبة.
العصور الحديثة بونابرت يدخل الإسكندرية في الثالث من يوليو سنة 1798.
خضعت الإسكندرية مع باقي مصر إلى
الحكم العثماني بعد أن انتصر السلطان
سليم الأول على المماليك في
معركة الريدانية ودخل مصر فاتحًا عام
1517.
[27] شهدت الإسكندرية أحداثًا مهمة خلال القرن الثامن عشر تمثلت ب
الحملة الفرنسية على مصر ودخول الجنود الفرنسية بقيادة
نابليون بونابرت الأول الإسكندرية في أوائل شهر يوليو عام
1798 بدون مقاومة تذكر،
[28] واعتبرت
الدولة العثمانية احتلال بونابرت
لمصر اعتداءً عليها، ووقف
الإنجليز الروس إلى جانب العثمانيين وعرضوا المساعدة على
الباب العالي لإخراج الفرنسيين من مصر،
[29] وسرعان ما التحمت القوات البريطانية مع الفرنسية في الإسكندرية في عام
1801م في معركة أدت لخروج القوات الفرنسية من
مصر،
[30] لتدخل الإسكندرية ومصر بصفة عامة مرحلة جديدة مليئة بالنهضة في جميع المجالات.
الوالي
محمد علي باشا يستقبل وفدًا من السفراء الأوروبيين في قصره بالإسكندرية.
تدين الإسكندرية ل
محمد علي باشا بالنهضة حيث أنه أعاد للمدينة الحياة بعدّة وسائل:
[31] ففي عام
1820م تم الانتهاء من حفر قناة المحمودية لربط الإسكندرية ب
نهر النيل مما كان له الفضل في إنعاش اقتصاد الإسكندرية، وقد صمم الميناء الغربي كي يكون هو الميناء الرسمي لمصر وتم بناء منارة حديثة عند مدخله، كذلك فإن منطقة المنشية هي بالأساس من تصميم مهندسيه، كما شيد محمد علي عند رأس التين مقره المفضل وأصبحت الإسكندرية هي مقر قناصل الدول الغربية مما جعل لها شخصية أوروبية حيث جذبت العديد من ال
فرنسيين و
اليونان و
اليهود و
الشوام، بسبب الانتعاشة التي منيت بها المدينة، كما أنشأ دار الصناعة البحرية في المدينة والتي يطلق عليها حالياً "الترسانة البحرية"، وذلك لتلبية احتياجات الأسطول المصري.
[32] ميناء الإسكندرية سنة
1870.
أصبحت الإسكندرية منذ تولي محمد علي الحكم وخلال المائة وخمسين سنة التالية أهم ميناء في البحر المتوسط ومركزا مهما للتجارة الخارجية ومقرا لسكان متعددي الأعراق واللغات والثقافات، وتحت حكم خلفاء محمد علي استمرت الإسكندرية في النمو الاقتصادي، فشهدت في عهد
الخديوي إسماعيل تحديداً اهتماماً يُشابه الاهتمام الذي أولاه لتخطيط مدينة
القاهرة، فأنشأ بها الشوارع والأحياء الجديدة وتمت إنارة الأحياء والشوارع بغاز المصابيح بواسطة شركة أجنبية،
[33] وأنشئت بها جهة خاصة للاعتناء بتنظيم شوارعها وللقيام بأعمال النظافة والصحة والصيانة فيها، ووضعت شبكة للصرف الصحي وتصريف مياه الأمطار، وتم رصف الكثير من شوارع المدينة، وقامت إحدى الشركات الأوروبية بتوصيل المياه العذبة من منطقة المحمودية إلى المدينة وتوزيعها بواسطة "وابور مياه" الإسكندرية،
[33] وأنشئت في المدينة مباني ضخمة وعمارات سكنية فخمة في عدد من الأحياء كمنطقة
محطة الرمل وكورنيش بحري.
[33] ميدان محمد علي سنة
1915.
تعرضت الإسكندرية خلال هذه العصر الحديث إلى الكثير من الأحداث وخاصة عند بداية الاحتلال
البريطاني لمصر، حيث قام الأسطول البريطاني بقصف المدينة لمدة يومين متواصلين
[33] حتى استسلمت المدينة معلنةً بداية الاحتلال البريطاني لمصر والذي دام لسبعين عامًا، وتحت الاحتلال البريطاني زاد عدد الأجانب وخاصة اليونان الذين أصبحوا يمثلون مركزًا ثقافيًا وماليًا مهم في المدينة، وتحولت الإسكندرية و
قناة السويس إلى مواقع استراتيجية مهمة للقوات البريطانية.
[33] تعرضت المدينة لأضرار هائلة في فترة
الحرب العالمية الثانية، حيث كانت تقصفها الطائرات الحربية
لدول المحور خصوصًا
الإيطالية و
الألمانية ما تسبب في دمار ومقتل المئات واعتبرت الإسكندرية أكثر المدن المصرية تضرراً من تلك الحرب.
[33] وبعد نهاية
الحرب العالمية الثانية ألغيت الملكية في مصر وتم ترحيل
فاروق الأول، آخر ملوك
الأسرة العلوية إلى المنفى، وقامت الجمهورية المصرية على أنقاض المملكة بقيادة
جمال عبد الناصر الذي أعلن من الإسكندرية، وبالتحديد في ميدان المنشية حيث تعرض لمحاولة
اغتيال،
تأميم قناة السويس.
[34] وقد قلت أعداد الجاليات الأجنبية في الإسكندرية بعد سياسة التأميم التي اتبعها عبد الناصر وكذلك بسبب الحروب التي خاضتها مصر مع
إسرائيل، إلا أنه ما يزال هناك جالية يونانية بسيطة في المدينة.
الجغرافيا تخطيط الإسكندرية [url=http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D9%85%D9%84%D9%81:Alexandria_egypt.jpg&filetimestamp=20050623185728][img(15,11):bc4f]
http://bits.wikimedia.org/s